السبت 2024/3/2

لم نستطيع لقاء نور في المرة الأولى لكن استطعنا لقاء البحر الذي حرمنا منه منذ أربعة أشهر بسبب العدوان، وشعرنا أن الحصار الذي بداخلنا انفك لساعات.

السبت 2024/3/2

عصام – اليوم 148 من المجزرة


لعنة غزة على العالم

ما يحدث في غزة الآن من إبادة بحق المدنيين والحرمان والحصار من العالم ما هو إلا اختبار لكل من على الأرض، وعندما ينتهي هذا الكابوس سوف تبدأ أحداث العالم بالتسارع وسقوط الدول وستكون غزة أأمن مكان في العالم لأنها قالت كلمة الحق في وجه الظلم بينما صمت الكثير عنه.

الناس في أماكن النزوح القريبة من الحدود المصرية بدأت تفقد طريقة التواصل بينها. في رحلة من خانيونس إلى الحدود المصرية لزيارة نور صديقة دالية، التي نزحت بالقرب من البحر بجانب الحدود المصرية في خيمة خوفا من القصف، كانت هذه الزيارة طويلة ومتعبة جدا. الوصول إلى الحدود في مثل هذا الازدحام يستغرق من ساعة إلى ساعتين بين السير على الأقدام ومحاولة الحصول على وسيلة مواصلات. بعد عناء الوصول إلى الحدود لترى دالية صديقتها نور كان علينا أن نبحث عن خيمة نور بين 15 ألف خيمة، في كل مرة نسأل فيها أحد المارة عن خيمة آل مهنا يقول لنا "مش عارف والله" ثم يعيد تكرار الكلمة "مهنا" ثم يقول  أسهل طريقة أن تنادي عليهم في المسجد من خلال مكبرات الصوت وسوف تأتي لك العائلة، وهذه هي وسيلة التواصل بين الناس عندما تريد زيارة شخص هناك. الناس هناك لا تتحدث مع بعضها البعض، وكل شخص في نفسه حتى فقدوا الكلام، وعندما يأتي شخص خارج المنطقة يتحدث معه بلهفة ويعيد تكرار الكلمات نفسها لأنه يريد فقط فتح حوار والحديث لأنه ببساطة اشتاق للحديث.

كانت قد سبقتنا قبل أيام غدير بزيارة نور، وقالت غدير لدالية، أن خيمة نور خلف جدار وبالقرب من نخلة وحيدة، لكن ما اكتشفناه عند وصولنا المكان  أنه يشتهر بالنخل ولا يوجد نخلة وحيدة. بعد ذلك اخبرتني دالية أن هذه هي غدير لا تستطيع وصف مكان واحد بالشكل الصحيح وأن غدير خارطة دون طريق للوصول.

لم نستطيع لقاء نور في المرة الأولى لكن استطعنا لقاء البحر الذي حرمنا منه منذ أربعة أشهر بسبب العدوان، وشعرنا أن الحصار الذي بداخلنا انفك لساعات. في المرة الثانية استطعنا الوصول لنور وكان معنا مريم أخت دالية، جلسنا سويا نتحدث عن الهدوء الذي يضيفه البحر للمكان، لكنه مكان بعيد عن الحياة، في النهار أشعة الشمس تحرق كل من على الأرض وفي الليل يأكل البرد أجساد النائمين. الحمام عبارة عن خيمة صغيرة وسط الخيام، كل مجموعة من الخيام لديها حمام قريب منهم، البضائع بعيدة عنهم إلى حد ما وعليهم السير للحصول على متطلباتهم إذا توفر معهم المال ومن لا يملك المال يعيش على المساعدات التي لا تكفي للعيش.

ما أريد قوله للعالم، الجميع يشارك بما يحدث من تجويع وإبادة، من لا يقول كلمة الحق الآن سوف يخسر نفسه لاحقا، ولا رجعة هذه المرة في بناء الثقة مجددا، لأن العالم سوف يركض ويأخذ كل من كان في قلبه ظالم.

0:00
/0:19