الاثنين 2024/1/29

لين عمرها 6 سنوات لكن لسانها يفوق عمرها، كأنها تقول، أن بيتها أوسع من العالم والجنوب أضيق عليها من الخيمة.

الاثنين 2024/1/29

عصام – اليوم 115 من المجزرة

كيف يسقط الطفل؟

في طفولتنا كنّا نسقط على الأرض لأننا نركض خلف ألعابنا، كان السقوط لا يعلمنا شيء غير أن الركض خلف ما نريد سيظل ركض حتى لو سقطت دموعنا، سنركض رغم توصيات أمهاتنا وحرصهن على ألا يصيبنا مكروه، لكن الطفولة لا تعرف الحدود والمساحة الضيقة، كل ما هو على الأرض هو ملك الطفل.

هذا العدوان جعل دور الطفل يختلف عن أي طفل في العالم يعيش حياة هادئة؛ يذهب إلى المدرسة، ينام بين أهله، ويذهب إلى كل أماكنه المفضلة ولا يجدها، قُصفت، لأن الاحتلال قرر أن ينسف كل شيء.

الساعة 12 بعد منتصف الليل، وبعد انقطاع لمياه الشرب داخل المستشفى، صاح الجميع أن المياه عادت، استيقظ أحد الأطفال من نومه يجري كي يحصل على الماء، وفي منتصف الطريق توقف عن الجري وسقط على الأرض ليرتطم رأسه بشيء حاد ويسيل دمه على الأرض، بعد ساعة وجد الطفل نفسه على سرير في المستشفى وفي رأسه جرح، لا يعرف كيف كبر جسده وصار له جرح، كان من الممكن أن يكون هذا الطفل في حضن أمه لكن العدوان غيّر موازين الطفولة، بالأمس كنت تسقط من أجل ألعابك، اليوم تسقط من أجل الماء. 

لين طفلة صار عمرها قبل أيام 6 سنوات، ورغم تواجدنا في المستشفى، أحب أهلها أن يصنعوا لها الفرح بعمل حفل عيد ميلاد صغير، طفلة نازحة تحتفل بعيد ميلادها في المستشفى لأن الاحتلال هدم بيتها وسرق أرضها وقتل شعبها. لين طفلة مخيلتها واسعة جدا، تستطيع تأليف قصص لا تخطر على بال أحد، تقول لين أن غزة أجمل من الجنوب، لأن غزة واسعة وكبيرة وأن الجنوب ضيق لأن خيمتها ضيقة، لأنها كانت تلعب مع بنات خالتها، لكنها لا تراهم الآن ولأن ساحة بيتها كبيرة ولا يوجد سوى ممر بجانب خيمتها.

لين تحب العوامة وأصابع زينب والاندومي، وتصف حبها للزبيب بأنه حلو جدا مثل العسل، وإنها تُعبّر عن غضبها لأنه لا يوجد زبيب في محيط المستشفى. لين عمرها 6 سنوات لكن لسانها يفوق عمرها، كأنها تقول، أن بيتها أوسع من العالم والجنوب أضيق عليها من الخيمة.

0:00
/0:09