الثلاثاء 10/10/2023

صباح الخير من أمام البلور المطل على حديقة بيتي المليئة بالبلح المتساقط على الأرض، هذه النخلة زرعها جدي قبل سنوات طويلة، مات جدي قبل عامين من الآن وكان عمره وقتها 80 عام أكبر من عمر الاحتلال...

الثلاثاء 10/10/2023

هجوم السابع من أكتوبر-غزة

صباح الخير من أمام البلور المطل على حديقة بيتي المليئة بالبلح المتساقط على الأرض، هذه النخلة زرعها جدي قبل سنوات طويلة، مات جدي قبل عامين من الآن وكان عمره وقتها 80 عام أكبر من عمر الاحتلال، كنت أود القول إن صباحي يشبه الياسمين الذي يُغطي البيت لكن الأصوات كفيلة أن تنزع منك كل المشاعر وتقذف في قلبك الخوف، هرولة الأطفال إلى حضن أمهم ظنن منهم أن هذا الحضن الواسع يحمي من طائرات الاحتلال، إذا كان الحجر دُمر ماذا سيفعل الصاروخ بحضن أمي!

 

اليوم الأول: 

تهديد كل القطاع بالقصف، ثم يبدأ الاحتلال بالقصف بشكل عشوائي دون رحمة أو تحذير، يخرج الاحتلال أمام العالم ليقول لهم أنه يقوم بتحذير المدنيين قبل قصف بيتوهم وأن كل ما يقصف هو تابع للمقاومة، لكن أغلب من مات هم من الأطفال والنساء كانوا في بيوتهم وذنبهم الوحيد أنهم فلسطينية، اليوم سوف تقتل أمام العالم لأنك تدافع عن نفسك. 

في النهار تكون الأوضاع هادئة إلى ساخنة بين اللحظة والأخرى، في الليل وعندما تطفئ كل الأنوار من المدينة رغما عنا وتبقى ألسنة النار المتصاعدة من الانفجارات هي التي تشعل الطرقات، امسك ساعتك من هذه الدقيقة وبعد كل خمس دقائق أو عشر يكون قد حدث انفجار هائل في غزة، تخيل صوت الانفجار أعلى بمائة مرة من صوته في النهار، أجسام لا تتحرك تتلقى الموت من كل مكان. 

 

اليوم الثاني: 

عاش من عاش ورحل عنا من مات وبقيت ذكرياته، يوم آخر بمزيد من الوحشية، الجيش الإسرائيلي يرسل إلى الفلسطينيين في غزة رسائل بالذهب إلى الملاجئ المعروفة وينشر للعالم أنه يراعي حدود الإنسانية لكن ما لا يعرف الجميع أنه لا يوجد ملاجئ داخل غزة، يذهب الناس إلى مدارس الأونروا وتضرب هي أيضا، يأمر الجيش الناس بالذهاب إلى منتصف قطاع غزة الساعة الرابعة عصرا وفي ساعات الليل يبدأ بقصف منتصف القطاع، في ساعات الليل يأمر الجيش الناس في منتصف القطاع الخروج من بيوتهم، ما هذا الجنون، ما هذا الرعب الذي يحاول زرعه في قلوب الأطفال والأمهات. 

 

اليوم الثالث: 

رائحة غريبة، أشعر أن رئتي سوف تنفجر في أي لحظة، أوجاع غريبة بكامل جسدي وهذا يعني أننا نُضرب بالفسفور المحرم دوليا، الجيش الإسرائيلي مرة أخرى يطلب من قطاع غزة المغادرة إلى مصر وفي نفس اللحظة يقوم بضرب معبر رفح البري، لا مياه، لا كهرباء، لا انترنت ووسط المدينة دُمر بالكامل حيث فيه كل مصالح الناس وجميع المساعدات توقفت والعالم يطبق فمه عن هذه الفاشية.

 

نحن هنا نقول للعالم أنكم تعرفون أن هذا حقنا في الدفاع عن أنفسنا مهما حاولتم تشويه صورة الفلسطيني أمام العامة، هذا حقنا منذ بدأ الاحتلال الصهيوني بقتلنا وتهجيرنا عام 1948 وسلب أرضنا، رؤساء العالم يعرفون ذلك ولهم يد أيضا في هذا الاحتلال، البعض من شعوبهم يعرفون والبعض الآخر والأكبر مغيب ولا يعرف حقيقة الأمر، لكن هذا لا ينفي حقيقة حق الدفاع عن أنفسنا مهما حصل. 

 

أخر ما أود قوله أو ما استطعت التعبير عنه، جدي الذي زرع النخل أمام بيتنا قبل موته، كان يرفض الخروج من البيت في كل عدوان على قطاع غزة، نحن أيضا لن نخرج قسرا.