الخميس 2024/2/8
عصام – اليوم 125 من المجزرة
الحياة فيها الكثير من النعم التي يميل لها الإنسان، كثرة النعم لها حكمة في اختيار الأشخاص ما تسعى إليه غريزته، ما تتقبله أنت ربما لا يناسبني، والعكس صحيح في كل الحالات والمساعي، يمكنك أن تفرض العيش على أحد بنمط معين لكنه حتما سيرجع إلى تشكيله الأول والبناء الذي وضع فيه، لكن عندما يقرر من نفسه أن يغير هيكله يبقى المسار صعب، لكن ليس مستحيل.
السوق قبل العدوان كان مختلف تماما خلال العدوان، الكلمات اختلفت، حتى الباعة أصبح منهم نساء أكثر من قبل وهم الأكثر مبيعا لبضائعهن. عندما دخل الجيش سوق خانيونس البلد وصار من الصعب علينا الوصول إليه، انتقل جزء من السوق إلى محيط مستشفى الأوروبي، لكن يبقى سوق خانيونس هو الأكبر والأكثر بضائع. السوق في محيط الأوروبي ممتد على طول الشارع الذي نعبر منه إلى مدخل الطوارئ، وهو ذاته الذي يسير من خلاله سيارات الإسعاف، وهنا تُخلق المشكلة بين حاجة الناس لشراء ما تريد وحاجة المصابين للدخول إلى المستشفى، لكن في كل مرة يدخل فيها الاسعاف يتوقف السوق عن العمل لمدة دقائق حتى تمر الاسعافات.
أسعار البضائع بالطبع مختلفة عن قبل، وهي الأكثر غلاء بأضعاف، وهي في الأساس من بضائع المساعدات التي تدخل غزة وجزء منها من البضائع داخل المخازن المتبقية لدى التجار.
هناك مدخل آخر يعتبر كراج للسيارات، طوله تقديريا عشر أمتار أو أكثر، الازدحام شيء طبيعي في الأسواق وبسبب النزوح يصبح السوق أكثر ازدحاما لذلك تتوسع الناس في أي مكان متاح.
هناك العديد من الفتيات داخل السوق أصبحن من الباعة، أطفال ونساء أيضا، كل شخص في السوق يحاول أن يتفرد بما يبيع، جزء منهم يصنعوا الطعام في الخيام ثم يذهبوا إلى السوق للبيع وجزء يشترون المساعدات ويبيعونها.
هناك الكثير من المقولات تتردد داخل السوق نسمعها عندما نمر طول اليوم، أشهرها، "ظهرك ظهرك" يعني أن شخص ما خلفك يريد العبور أو سيارة أو عربة وحمار خوفا من أن يصطدم بظهرك.
الكثير من الأشخاص تحتك أحذيتهم بالأرض عند المشي ويصدر منها صوت "شحوطة".
الكثير من العروضات من الباعة على البضائع حتى يتمكنوا من بيعها وتكون مدة العرض ربع ساعة أو نصف ساعة بينما كانت العروضات تمتد لأيام.
سوق رفح أيضا بهذا الشكل لكنه أكبر حجما، وإذا أرادت سيارة العبور أخر الشارع عليها أن تعبر وسط الناس، الجميع يحاول عيش حياته بشكل مختلف ويحاول التأقلم أيضا ويبقى الإنسان يدور حول نفسه.