الأحد 31/12/2023

بعد العدوان، بدأ كل شيء يختلف ويتحول من وجهة نظري من السيء إلى الأسوأ ومن وجهة نظر الناس أيضا، تحول الجميع كما قالت أمي كأسنان المشط فعلا، لا فرق بين من لديه مال ومن لا يملك المال، لأن قيمة المال اختلفت ولأن المراد واحد وهو النجاة

الأحد 31/12/2023

ما قبل العدوان كانت حياتي مملة جدا، الكثير من الوقت في البحث عن عمل دائم، الكثير من الوقت على شاشة اللابتوب في تعلم تقنيات تفيدني لكتابة المحتوى، القليل من الأصدقاء لأن حظي عاثر في الأصدقاء، البلكونة شهدت معي كل حالاتي، حالة الاكتئاب التي مررت بها بكثرة عدد المرات التي حاولت فيها السفر ولم أنجح وعدد المرات التي حاولت فيها الحفاظ على نفسي من ما تفعله الحياة في البشر فيصبحون أسوأ نسخة كي يصلوا إلى مرادهم. 

الحياة كانت تمشي في عيني ببطء شديد، كان صديقي منير فاشه يخفف عن قلبي حدة الأيام ويعطيني أمل للعيش والعمل، كان هدفنا وما زال أن نروي قصتنا الفلسطينية كما نراها بعافيتها كاملة دون نقصان، دون شوائب لأن الاحتلال يشوه صورة الفلسطيني أمام العالم كما أنه يتحكم بالإعلام، في يوم قلت لمنير أنني أريد دخول كل بلد على الخارطة وأقول للعالم أننا هنا نحمل الأمل ونزرع العافية في قلوب من حولنا، أننا لا نحاول قتل أحد، أننا لم نبيع أراضينا بل سُرقت من أجدادنا، أننا لا نريد شيء سوى أن يرحل الاحتلال، أن يُوقف القتل فينا.

لقد كانت الأشهر ما قبل العدوان أشهر حزن على قلبي لأنها كانت مليئة بالمحاولات الفاشلة لكنه صوت لم يغادر قلبي أن هذا الوقت لم يكن وقتي، في مرة من المرات وأنا أحاول نشر نص من نصوصي الشعرية عبر صحيفة فلسطينية تم رفض نصي لكني رأيت النص ذاته سرقته صديقتي ونشرته عبر ذات الصحيفة، حاولت في الكثير من الأماكن لكن كما قلت، هذا ليس وقتي.

اليوم العادي، الحمام الخاص بي، النوم على سرير، النوم على وسادة، الطعام كما نحب، وملل السهرات والتهكم على صغر مساحة غزة وعدم وجود مساحات خضراء، والرضا، الرضا بكل ما قسمه الله لك.

بعد العدوان، بدأ كل شيء يختلف ويتحول من وجهة نظري من السيء إلى الأسوأ ومن وجهة نظر الناس أيضا، تحول الجميع كما قالت أمي كأسنان المشط فعلا، لا فرق بين من لديه مال ومن لا يملك المال، لأن قيمة المال اختلفت ولأن المراد واحد وهو النجاة، لم أتخيل أن يومي سيكون في أيام العدوان، أن الجميع سيسمع صوتي خلال هذه الأحداث الغريبة، أني سأقول، أننا نحب الأمل ونزرع الحياة في نفوسنا ولا نحب القتل وأن الاحتلال يحاربنا عسكريا ومعرفيا وأن المعرفة بقصتك وكيف ترويها هي سبب في تخليد اسمك في أماكن ربما لن يصل جسدك لها.

لقد كانت الصدمة أخف عليّ من غيري لأني كنت أنتظر فرصتي برضا من الله كي تدوم، الآن يسمعني الكثير ويقرأ الكثير ما أكتب وهذا كان أهم هدف لي، لكن الوضع الذي كنت فيه قبل العدوان ظننت أنه الأسوأ على الاطلاق لكني الآن أقول أن ما عشته كان لا شيء مقارنة بما يحدث لنا من شهر أكتوبر، المرض ينتشر في المستشفى، الانفلونزا وأمراض الحلق والمعدة بسبب الأكل غير الصحي، مع نقص في العلاج مما يحدث كارثة، الغرفة التي كنت أظنها ضيقة الآن أغلب سكان غزة نازحين في جنوب القطاع كأنهم محشورين في زاوية وأصبحت غرفتي واسعة وسع السماء، القمامة في المستشفى في كل مكان كأنك في حاوية كبيرة.

ربما تملك كل شيء في حياتك وتستيقظ في يوم لا تملك شيء، إذا كانت الحياة كبيرة في عينك لن تستطيع عيش المحنة، إذا كانت صغيرة لن تتأثر إذا فقدت كل شيء وكسبت نفسك، توقع في كل وقت أن يضيع منك كل شيء.