الأربعاء 20/12/2023
هذه المدينة مشبعة بالتناقض الغريب ومزج الموت مع الحياة وانتقال مشهد الموت إلى عرض سينمائي لا متعة فيه لكن الناظر يطيل النظر رغم قسوة المشهد...
هذه المدينة مشبعة بالتناقض الغريب ومزج الموت مع الحياة وانتقال مشهد الموت إلى عرض سينمائي لا متعة فيه لكن الناظر يطيل النظر رغم قسوة المشهد. عندما تحاول أن تسرق نفسك من كم الضغط الهائل من سماع خبر استشهاد أحدهم أو اصابة من صوت الحكايا المرعبة ومن المشاهد التي تراها كل ساعة.
بالأمس ذهبت إلى السوق وفي طريق العودة كان سائق الباص لا يريد سماع الأخبار أيضا وقرر أن يشغل الأغاني في طريق عودتنا من رفح إلى مستشفى الأوروبي، كان السائق خفيف الظل، أشعل سيجارته وقال أريد أن أموت بهذا الشكل، لا يهمني شيء يكفي ما عشته من حياتي، الكثير من الناس حاولت بيع السولار له ولكن جوابه كان حاضرا أنه يستطيع توفير سولار بسعر أقل من سعر السوق.
كان الباص بمثابة مصباح علاء الدين، نقلنا من الأجواء المشحونة بالموت إلى ذكرياتنا مع رحلات الباص وسماع الأغاني مع الأصدقاء والشجار على من سيشغل أغنيته المفضلة قبل الآخر، أخذني إلى الذهاب بسيارة أخي ليلا إلى شاطئ بحر غزة، السيارة التي لم تسلم من القصف أيضا.
هذا الموقف يجعلني أفكر إذا كنت ما أفعله في الباص يقلل من احترامي لوجع الناس و وجعي، لكننا شركاء في هذا الوجع.
أريد توقف العدوان على قطاع غزة والحصول على حمام ساخن دون أن يدق أحدهم الباب وأنا في الداخل، أريد أن استلقي على سريري والنوم بعمق والتحرر من ملابسي تحت الغطاء، أريد أن أستيقظ كما يحلو لي لا على صوت الصياح، أنا لا أحب الخراب ورسالتي للعالم أن من يرتكب المجازر بحقنا عليه أن يضع نفسه في حاوية القمامة لأنه يعرف أن ما يفعله في دربه المظلم.
لكن كل شيء في عالمنا ناقص، كنت واهم عندما اعتقدت بأن يومي سيكتمل بعين السائق لكنه الوقت كفيل بقلب الأمور، بعد صلاة العشاء وبالقرب من مدارس الإيواء بجانب المستشفى قُصف بيت راح فيه 60 شهيد وعشرات المصابين من الخيام قرب مدرسة الفخاري في دقيقة واحدة.