الأربعاء 22/11/2023
إلى سعيد زوج هديل الذي كان يخترق هدوء المكان بكلماته السريعة ومزاحه الثقيل على كل من حوله، عندما كنّا في حي الزيتون في بيت خالتي قبل قصف البيت علينا، كان سعيد يدهشنا دائما بقدرته على جعل الأمور الكبيرة تافهة ولا تعني له شيء ظاهريا لكنه ماكر جدا ويلعب دور العبيط...
إلى سعيد زوج هديل الذي كان يخترق هدوء المكان بكلماته السريعة ومزاحه الثقيل على كل من حوله، عندما كنّا في حي الزيتون في بيت خالتي قبل قصف البيت علينا، كان سعيد يدهشنا دائما بقدرته على جعل الأمور الكبيرة تافهة ولا تعني له شيء ظاهريا لكنه ماكر جدا ويلعب دور العبيط.
كان يحلم من بداية العدوان أن والده قد مات ويستيقظ من نومه وهو يبكي يريد أن يذهب لرؤيته، وعندما يذهب إلى البيت بالقرب من الحدود الشرقية يجد والده جالس أمام البيت وفي يده النرجيلة وبجانبه عصا وعندما يلمح سعيد، يترك النرجيلة من يده ويلحق به ليقول " ما ترجع يا ابن الكلب".
اتصال الساعة 2 فجرا بصوت خافت على أختي، ردت عليها الجميع نائم ثم عادت لنومها مجددا، في الصباح اتصل سعيد بصوته العالي وقال لنا أن والده وأخوانه قد قتلوا على يد جيش الاحتلال في حي الصبرة في شمال قطاع غزة.
تزوج سعيد هديل عن حب كما يقول هو لكنها تنكر ذلك دائما وتقول أنه هو من أحبها، لم يمر على زواجهم سوى ثلاثة أشهر وكان يخطط لقضاء شهر العسل في جزر المالديف وكنّا نقول له لا تنام بعد صلاة العصر، لأنه لا يقدر على تكلفة هكذا رحلة.
ما فعله الناس في بعضهم أكبر ما فعله العدوان بهم، التجار ينهشون أجساد المواطنين وهم أحياء، لم يدخل على غزة بضائع، لم يدخل طعام، لم يدخل شيء، لكن الأسعار أصبحت ثلاثة أضعاف، عائلات ماتت بالكامل، أطفال لم يتبقى لهم أحد من أهلهم، المصابين في المستشفى، في الشوارع، الجزء الشمالي من القطاع مدمر بالكامل والناس فيه تحت الأنقاض والجزء الجنوبي دُمر فيه الكثير من البيوت على روؤس ساكنيها وبعض الناس تجمع المال من أجل لا شيء.
22 نوفمبر