الجمعة 3/11/2023
أصبحت لا أعد أيام العدوان والهجوم الوحشي الذي يفلت أنيابه علينا كأننا فريسة خُلقت لتكون ضحية موت تحت أسنان الاحتلال الاسرائيلي...
أصبحت لا أعد أيام العدوان والهجوم الوحشي الذي يفلت أنيابه علينا كأننا فريسة خُلقت لتكون ضحية موت تحت أسنان الاحتلال الاسرائيلي، مازلنا في مستشفى الأوروبي مع والدي بعد إجراء عمليته في القدم واليد، لكن دكتور العيون قال لنا أن نفقد الأمل في عينه اليمنى وأنه لا يستطيع أن يرى فيها لكن هناك إحتمالية لعمل شيء إذا ذهب لخارج غزة، لكن الاحتلال يغلق جميع المنافذ علينا ولا نستطيع الخروج حتى للعلاج.
أشعر أني أرى العالم بعين واحدة بعدما فقد والدي عينه، عالم أعور يرى ما يريده ويحس بما يريده. لا سبيل لنا أن نشتري حياة أخرى لم تهترئ مثل هذه التي مضغتها أرصفة الطريق، بعد وجودنا بثلاثة أيام في مستشفى الأوروبي وبعد وصول كل عائلتي إلى المستشفى بعدما دمر الاحتلال جميع بيوتنا قررنا أن نصنع خيمة في باحة المستشفى، خيمة من أغطية وحجارة وأعمدة حديدية جمعناها من محيط المستشفى، مناخها معتدل، حارة في النهار باردة في الليل، وهذا هو المناخ المعتدل الجديد حسب خيمة عام 2023، خيمة ممتدة من عام 1948.
كتب لنا الطبيب اليوم خروج لنا من المستشفى، خروج يعني أن يذهب المريض إلى بيته بعد الشفاء الأولي، لكننا لا نملك هذا الحق في العيش لأن بيتنا دُمر ولأن والدي أصلا ينقصه الكثير من العلاج والمتابعة لكن المستشفى تعاني من ناقص حاد في المستلزمات الطبية، أخرجتنا المستشفى من القسم الذي مكث فيه والدي فترة العملية إلى قسم آخر، قسم في مستشفى فيه السرير خشبي لا يستطيع فيه والدي الحركة مع صعوبة أصابته، لا يوجد لديه كرسي متحرك حتى ليذهب به إلى الحمام.
أيام قليلة هادئة دون سماع صوت انفجارات، لكن الصوت اليوم اخترق هذا الهدوء، ربما نصنع خيمة في مكان آخر، ربما لن نكون موجودين أصلا، ربما نصبح رماد، لكني متأكد أن العالم أصبح أعور أمامي.