الأربعاء 1/11/2023

الحصول على حمام بارد بعد أربع أيام يُعطيك شعور بالآدمية، دخلت الحمام كي استحم فوجدت فتاة صغيرة تنتظر هي أيضا تريد الاستحمام، حنطية اللون وعيونها عسلية...

الأربعاء 1/11/2023

​​

الحصول على حمام بارد بعد أربع أيام يُعطيك شعور بالآدمية، دخلت الحمام كي استحم فوجدت فتاة صغيرة تنتظر هي أيضا تريد الاستحمام، حنطية اللون وعيونها عسلية، ابتسمت لي عندما وقعت عيني في عينها وبدأت بالحديث معي، سألتها عن اسمها وعمرها، قالت لي اسمي وئام وعمري عشر سنوات، أصرت وئام أن أدخل الحمام قبلها، هذه الصغيرة الشقية جعلتني أبتسم رغم كل الوجع الذي نعيشه، كأنها مسحت على قلبي بكفها. بعدما قررنا أنا ووئام أني سأدخل أولا قالت لي الآن تحتاج إلى كيس كي تضع ملابسك فيه وذهبت مسرعة لتحضر لي واحد، دخلت الحمام خلعت ملابسي ووضعتها في الكيس الذي أحضرته وئام، فتحت المياه وبعد دقائق خرجت لأجد وئام مازالت تنتظر، بدأت بمسح الأرضية فسألتني عن عمري، قلت لها خمني فقالت أحب من يقول لي خمني لأني أحب التوقع، وصارت تخمن حتى وصلت إلى عمري، 27 عام، ثم قالت نحن خرجنا من بيتنا لأن أخي طلب ذلك لم يقبل أن ننتظر لحظة واحدة في البيت لكنهم قصفوا أخي في المقهى لكنه نجا، ثم سألتني عن اسمي، قلت لها عصام وإذا أردتِ أي شيء مري من هنا وأخبريني.

انهيت مسح الأرضية وتركت وئام تأخذ حمامها البارد ووقفت في الخارج تحت أشعة الشمس وبعد دقائق خرجت وئام بشعرها المبلول مثل أميرة تمشي في لتلقي التحية على شعبها وابتسمت لي ابتسامة عريضة وراحت إلى نصيبها.

بعد اختفاء ابتسامها من أمام عيني نادى الممرض ليقول أن عملية والدي الآن، جهز والدك للعملية، يبدو أن ابتسامة وئام كانت سارقة جدا لدرجة أن كل شيء صار في لحظة. 

دخل والدي العملية وخرج منها بسلام وهو يحمل في يده وقدمه مسامير بلاتينية تثبت عظمه من الداخل، لكن لا شيء يكتمل، قال لنا الدكتور أن والدي فقد عينه اليمنى وأن يستعوض الله، ربما نعيد له النظر لأن الضرر لم يصل إلى شبكية العين لكن يحتاج ذلك العلاج خارج غزة، كل ثانية إنتظار يعتبر طريق لا رجعة فيه ويخسر فيها بصره.

مع كل هذا الوجع، من جهة أخرى أمي وأخواتي في الجهة الشمالية من قطاع غزة تحديدا حي النصر، لم نستطيع أن نخرجهم إلى الجنوب حيث نحن.