الأحد 29/10/2023
يوم الجمعة الساعة 6:15 مساءا تحولت جلسة الحكايات في بيت خالتي إلى مقبرة جماعية. قصف الاحتلال الاسرائيلي البيت فوق رؤوسنا دون سابق إنذار...
يوم الجمعة الساعة 6:15 مساءا تحولت جلسة الحكايات في بيت خالتي إلى مقبرة جماعية. قصف الاحتلال الاسرائيلي البيت فوق رؤوسنا دون سابق إنذار.
كنت أتحدث مع خالي أدهم من برلين لحظة الاعتداء على البيت، لحظة واحدة كنت أجلس فيها على كرسي على سطح البيت مع عائلتي، لحظة واحدة وجدت نفسي تحت الركام، لا أدري متى قُصفنا، فقدت الوعي لثواني ثم فتحت عيناي شعرت أني دُفنت وأنا حي وسط أطنان من الدخان في فمي، سحابة الدخان التي كنت أراها عندما تُقصف البيوت كنت داخلها.
بدأت بالبحث عن من كان عندي لحظة الاعتداء، أختي، ابنة خالتي، ابن خالتي، وجدتهم وفتحت التسجيل لصديقتي ريف من الأردن وخالي كي يعرف العالم بهذا الاعتداء الهمجي. نزلت عن الدرج بعد عشر دقائق داخل سحاب الدخان بعدما نادى أخي من الطابق الأرض بأن الطريق مفتوح، نزلنا إلى الطابق الأرضي تفقدنا جميع من البيت، الجميع قال نعم إلا والدي، بدأنا ننأدي ونحفر في كل مكان حتى سمع صوتنا، صرنا نحمل الركام بايدينا وأجسادنا المكسورة حتى نخرجه، دخل الجيران علينا كي يخرجونا من البيت لأنه من المحتمل أن يُقصف مرة ثانية كعادتهم مع كل البيوت، لم نهتم لذلك وبقينا ساعة نحفر ونزيل في الركام بايدينا العارية حتى أخرجناه، الجميع أخذ قرار في لحظة، لن نخرج بدونه لأننا نعرف جيدا، المسعفين يخافون من الليل ولا تستطيع الاسعافات العمل ولن يأتي أحد له إلا بعد أيام بسبب عدد الضحايا الكبير في اليوم الواحد.
وضعنا البنات في بيت الجيران، حملنا والدي على النقالة و دخلنا في الإسعاف إلى مستشفى الشفاء مباشرة، في المستشفى قاموا بعمل الاسعافات الأولية، كسر في القدم اليمنى واليد اليسرى.
بقي والدي أكثر من ثلاث ساعات بعدما اخرجناه من تحت الأنقاض على أرض المستشفى دون شيء تحت جسده يخفف عليه الوجع، جن جنوني وأخذت ما أخذت مرة بالقوة وأخرى باللين كي أخفف عنه، بعد أكثر من خمس ساعات حصلنا على فرشة تخفف عنه الوجع، بعد ساعة غرز الطبيب رأسه دون بنج بسبب قلة المستلزمات الطبية ولأن البنج لحالات أصعب من حالته.
مستشفى الشفاء مليء بالناس في كل مكان، في الطرقات، في الشوارع الخلفية، الكثير نزح للاحتماء بالمستشفى، الكثير من الاصابات، الكثير من الموتى وسط خيمة في ساحة المستشفى نشتم رائحتهم كل ثانية، داخل الخيمة يوجد طبق، طبق من أشلاء، طبق من أشلاء أطفال غزة في طبق كبير.
في اليوم التالي حولوا أبي إلى مستشفى الأوروبي لعمل عملية في قدمه ويده وبعد التشخيص الثاني عرفنا أن عينه اليسرى فيها نزيف داخلي وتمزق في القزحية وأنخلاع في عدسة العين، ثلاثة أيام دون تشخيص واضح لحالته وغدا العملية، اليد ربما فيها مشكلة في الأعصاب، القدم بلاتين في عظمة الفخذ، هذا أيضا بشكل مبدئي.
اسمي عصام هاني حجاج من غزة، خرجت من بيتي في الشجاعية مع عائلتي قبل أن يُقصف إلى بيت خالتي في حي الزيتون ليُقصف علينا بيت خالتي، اسمي عصام من غزة أصابتي في الرأس والكتف الأيمن لم يتم فحصي حتى اللحظة لأني قادر على الحركة ولأن هناك من هم أكثر أهمية مني، اسم أخي أحمد حُرق ظهره، اسم أختي شيماء نجت من الموت بأعجوبة وجرحت قدمها، اسم ابن خالتي أحمد عمره 8 سنوات جُرح رأسه، وخالتي طوال الليل تقول لي سمي هذه القصة بمقبرة الحياة يا عصام، ونحن نجونا بأعجوبة من هذه المقبرة بعدما دخلنا البيت صباح يوم التالي ورأينا البيت ورأينا آية الله فينا بأن لنا بقية في العمر.